ahendour englsih

Archives du blog

jeudi 14 novembre 2013

الكفاية وظيفة و ليست سلوكا





الكفاية وظيفة و ليست سلوكا


                                                                                       


تعريف بيير جيلي . أعمال حول الكفايات .        


تعريف الكفايات


الكفايات هي قدرات مكتسبة
تسمح بالسلوك و العمل في سياق معين ، ويتكون محتواها من معارف و مهارات و قدرات و
اتجاهات مندمجة بشكل مركب . كما يقوم الفرد الذي اكتسبها ، بإثارتها و تجنيدها و
توظيفها قصد مواجهة مشكلة ما و حلها في وضعية محددة .


هذا و إذا كان مفهوم الكفايات
ارتبط في بداية ظهوره و انتشاره بمجال التشغيل و المهن و تدبير الموارد البشرية في
الإدارات و المقاولات ، فإننا نقترح أن يتسع هذا المفهوم ليغطي كافة التغيرات التي
ستصيب ليس فقط العمال و المهنيين ( و من بينهم المعلمين ) بل التلاميذ أيضا أثناء
تواجدهم في المدرسة ، بحيث لا يبقى مدخل الكفايات قاصرا على إعداد الأطر المهنية
بما فيها أطر التعليم ، بل ينبغي أن يتحول هذا النموذج إلى أداة لتنظيم المناهج و
تنظيم الممارسات التربوية في المنظومة التعليمية . ذلك أننا نجد أن نفس المبررات
التي يتم اعتمادها عادة في الدعوة إلى تنظيم الكفايات في المجال المهني . تبقى
صالحة لتبرير دعوتنا لاعتماد هذا المدخل في الحقل المدرسي و في إطار علم التدريس ،
خاصة و أن نموذج التدريس الهادف في صيغته السلوكية و الإجرائية أصبح عاجزا الآن عن
حل العديد من المشكلات العالقة في الحقل المدرسي و نخص منها بالذكر صعوبة الأجرأة
( الصياغة الإجرائية للأهداف التربوية ) في العديد من المجالات و كذلك الفصل
المصطنع الذي يتم بين ما هو عقلي و ما هو حركي و بينهما و بين ما هو وجداني في
شخصية المتعلم .





إن التدريس الذي يتأسس على
مدخل الكفايات ، لا بد أن يبلغ مقاصده ، لأنه لا يتناول شخصية التلميذ تناولا
تجزيئيا . إن الكفاية ككيان مركب تفترض الاهتمام بكل مكونات شخصية المتعلم ، سواء
على المستوى العقلي أو الحركي أو الوجداني . إن الكفاية تيسر عملية تكييف الفرد مع
مختلف الصعوبات و المشكلات التي يفرضها محيطه، و التي لا يمكن أن يواجهها من خلال
جزء واحد من شخصيته ، بل بالعكس من ذلك ، فإن تضافر مكونات الشخصية ، أي المعرفة و
العمل و الكينونة هو الكفيل بمنح الفرد القدرة على مواجهة المستجدات و التغلب على
التحديات .





و سنعمل في إطار تعريفنا
للكفايات على تقديم جملة من التعاريف التي كانت تربط هذا المفهوم ببعض الحقول
المعرفية و المهنية ، قبل أن نخلص إلى التعاريف التي بدأت توظف هذا المفهوم في
مجال التدريس .


لكن لا بد من التذكير منذ
البداية بالحقيقة الأساسية التالية :


وجدنا في تحليلنا لمختلف
التعاريف التي قدمت للكفايات ، أنها تتأرجح بشكل عام ، بين الفهم السلوكي (
البيهافيوري
Behavioriste ) و الفهم الذهني ( المعرفي Cognitiviste ) .


ذلك أن بعض الأعمال و البحوث
تذهب إلى تعريف الكفاية باعتبارها سلسلة من الأعمال و الأنشطة القابلة للملاحظة ،
أي جملة من السلوكيات النوعية الخاصة ( خارجية وغير شخصية ) و ينتشر هذا التفسير
بالأساس في مجالين :


• التكوين المهني ؛


• و في بعض الكتابات المتعلقة بنموذج التدريس بواسطة الأهداف .


في حين ينظر إلى الكفاية تارة
أخرى ، كإمكانية أو استعداد داخلي ذهني ، غير مرئي
Potentialité
invisible
من
طبيعة ذاتية وشخصية . و تتضمن الكفاية حسب هذا الفهم و حتى تتجسد و تظهر ، عددا من
الانجازات ( الأداءات
Performances ) باعتبارها مؤشرات تدل على حدوث الكفاية لدى
المتعلم .


لكن الاتجاه الذي تبنيناه نحن
في دراستنا هذه ، يندرج بشكل عام ضمن هذا المنظور الأخير و الذي يعتبر الكفاية
قدرات عقلية داخلية و من طبيعة ذاتية وشخصية . و سنعمل في العناوين اللاحقة على
استعراض جملة من التعاريف خاصة تلك التي ترفض التقيد بالفهم السلوكي للشخصية و
تستبعد تفسير التعلم و التعليم بردهما إلى قانون "المثير و الاستجابة "
.





و لا بأس أن نشير إلى معنى
الكفاية في لغتنا ، ففي اللغة العربية فإن أهم تعريف للكفاية أو الكفاءة هو الذي
يورده ابن منظور في " لسان العرب " ( دار الجيل ، بيروت ـ المجلد الخامس
ـ ص 269 حيث ذكر:


قول حسان بن ثابت : وروح
القدس ليس له كِفاءُ ،أي جبريل عليه السلام ، ليس له نظير و لا مثيل.


و الكَفىءُ : النظير ، و كذلك
الكفء و المصدر الكفاءة .


و الكُفاة : النظير و المساوي
.
       يقول تعالي : (( لم
يلد و لم يولد و لم يكن له ، كُفُؤا أحد )) .





و يقال كَفَأْتُ القِدر و
غيرها ، إذا كببتها لتفرغ ما فيها. الكُفَاة : الخدم الذين يقومون بالخدمة ، جمع
كاف ، و كفى الرجل كفاية ، فهو كاف ، إذا قام بالأمر
 مفهوم الكفاية في علم النفس





الحقيقة أن مفهوم الكفاية مفهوم
جديد على اللغة العلمية ، سواء في علم النفس أو علوم التربية أو في مجال التشغيل و
التسيير و تدبير المقاولات و الموارد البشرية و غيرها من المجالات ، حيث ساد
الحديث عن الإمكانات و الاستعدادات
Aptitudes و عن الميول Intérêts و عن سمات الشخصية Traits de personnalité ، على اعتبارها تمثل
الخصائص النفسية التي تميز الأفراد .


لكن شيئا فشيئا بدأ مفهوم
الكفاية يغزو مختلف الحقول العلمية و يحتل تلك المفاهيم أو يكملها و يغنيها .


و في مجال البحث التجريبي في
علم النفس لم يتم الاعتراف بمفهوم الكفاية كمفهوم يمكن أن يخضع للضبط و القياس إلا
في العشرية الأخيرة من القرن المنصرم .


و عند تصفحنا لمختلف القواميس
المختصة في علم النفس ، نجدها لا تخص هذا المفهوم سوى بحصة ضعيفة تكاد لا تذكر . و
هكذا فإننا لا نعثر على كلمة كفاية
Compétence في قاموس السيكولوجيا
لروبير لافون
R . Lafon في حين يقدم المنجد الكبير للسيكولوجيا ، Larousse 1991 معنيين لكلمة كفاية : المعنى الأول يخص مجال سيكولوجية النمو ،
حيث يقد بها مجموع الإمكانات للاستجابات الأولية تجاه البيئة المحيطة .


في حين يتموضع المعنى الثاني
ما بين علم النفس و اللسانيات و يندرج ضمن علم النفس اللغوي
Psycholinguistique ، حيث تعني الكفاية مجموع
المعارف اللسنية لدى المخاطب تمكنه من فهم و إنتاج عدد لا نهائي من الجمل .


أما في مجال الشغالة L'ergonomie ( و هي الدراسة التي تهدف تنظيم الشغل ) فإننا نجد ديمنطومولان M . de Montemollin أول من كان له الفضل في إدخال هذا المفهوم إلى هذا الميدان (1984)
، حيث اعتقد أنه أصبح من الضروري استعماله ، "إذا رغبنا ليس فقط في الوصف بل
أيضا وربما في الدرجة الأولى التفسير و التحليل ، أي تفسير السلوكيات المهنية
" .


إن أشطة العمال تفترض :
"شيئا ، هو عبارة عن بنية أو بنيات جاهزة و ملائمة لإنجاز بعض المهام"


و في مؤلف جماعي مخصص لنماذج
تحليل وضعيات العمل ، يتساءل لوبلاط
J .
Leplat
:
" لماذا إدخال في مجال الأركونومي ( الشغالة ) ، مفهوم الكفاية ؟ و ما
الفائدة المرجوة من وراء ذلك ؟ " .


يعتقد لوبلاط أن مفهوم
الكفاية لا يختلف كثيرا عن بعض المفاهيم القريبة مثل :





المهارة = Habilitéحسن الأداء = Savoir-faireالخبرة = Expertiseالقدرة = Capacité





و يُصرح أن هذه الكلمات عادة
ما يشرح بعضها البعض الآخر و عادة ما يتم استعمال الواحدة منها مكان الأخرى . كما
يميز لوبلاط بين تصورين مختلفين لمفهوم الكفاية :





التصور السلوكي = Behavioriste





التصور المعرفي (الذهني) = Cognitiviste





فإذا كان التصور السلوكي يعرف
الكفاية بواسطة الأعمال و المهام
Tâches التي يقدر الفرد على
إنجازها ، فإن التصور المعرفي على العكس ، ينظر إلى الكفاية كإستراتيجية و "
نظام من المعارف يمكن من احتواء و تأطير النشاط " .


و يستنبط لوبلاط للكفاية ثلاث
خصائص :


- الكفايات غائية : إننا أكفاء لأجل ... إن الكفايات حسب هذه
الخاصية ، معارف إجرائية ووظيفية تتجه نحو العمل و لأجل التطبيق ، إي على اعتبار
مدى الاستفادة منها في تحقيق الهدف .


- الكفايات مكتسبة : لأننا نصير أكفاء ، إن الكفايات تكتسب بالتعلم
في المدرسة أو في مكان العمل و غيرهما.





- الكفايات مفهوم افتراضي ـ مجرد : إن الكفايات داخلية لا يمكن
ملاحظتها إلا من خلال نتائجها و تجلياتها و المؤشرات التي تدل على حصولها ، أي من
خلال ما ينجزه الفرد المالك لها .


الكفايات في مجال التربية





وجدنا في تصفحنا لبعض قواميس
التربية ، تفاوتا بينها في إدراجها لمفهوم الكفاية ضمن موادها ، من حيث الأهمية و
من حيث الحيز المخصص لها .





فحسب القاموس التربوي لفولكيي
P . Foulquié - 1971 ، فإن كلمة Compétence مشتقة من اللاتينية Competens من الفعل Competer أي : الذهاب - aller
- Petere
و مع
Cum avec بمعنى الملاءمة مع و المرافقة . " إن الكفاية هي القدرة capacité سواء القانونية أو المهنية المكتسبة ، لإنجاز بعض المهام و
الوظائف و القيام ببعض الأعمال " .





و في منجد التقويم و البحث
التربوي ، يقدم ج . دولاندشير
G . de Landsheere ، تعريف للكفاية ينطلق من
المفهوم الذي يقدمه تشومسكي و الذي يعتبرها " القدرة لدى الأفراد ، على إصدار
و فهم جمل جديدة " كما سنرى بشيء من التفصيل في العنوان القادم . إن الكفاية
في الاستعمال التشومسكي تعني المعرفة الضمنية و الفطرية
Inneé
التي يمتلكها جميع الأفراد عن لغتهم " إن النظام المستبطن (المتثمل) للقواعد
المتحكمة في هذه اللغة ، يجعل الفرد قادرا على فهمها و على إنتاج عدد لا نهائي من
الجمل " .





و في قاموس اللغة الذي أشرف
على إنجازه سنة 1979 ، كاستون ميالاري
G .
Mialaret
،
فإن كلمة
Compétence مشتقة من اللاتينية القانونية : Competentia و التي تعني العلاقة
الصحيحة
Juste rapport . إن الكفاية هي حصيلة الإمكانية Aptitude أو الاستعداد . في حين أن
القدرة
Capacité أو المهارة Habilité تحيل على تأثير الوسط بصفة
عامة و خاصة التأثيرات المدرسية من خلال إنجازات الفرد .





كما يعرف القاموس الموسوعي
للتربية و التكوين ، الكفاية بأنها الخاصية الإيجابية للفرد و التي تشهد بقدرته
على إنجاز بعض المهام . و يقرر بأن الكفايات شديدة التنوع فهناك الكفايات العامة
Compétence générales أو الكفايات القابلة للتحويل Transférables و التي تسهل إنجاز مهام عديدة و متنوعة . و هناك الكفايات الخاصة
أو النوعية
Compétences spécifiques و التي لا توظف إلا في في مهام خاصة جدا و محددة
. كما أن هناك كفايات تسهل التعلم و حل المشاكل الجديدة ، في حين تعمل كفايات أخرى
على تسهيل العلاقات الاجتماعية و التفاهم بين الأشخاص . كما أن هناك بعض الكفايات
تمس المعارف في حين تخص غيرها معرفة الأداء أو معرفة حسن السلوك و الكينونة .





مفهوم الكفاية عند تشومسكي و
المنظور المعرفي :





يندرج تعريف تشومسكي N . Chomsky بصفة عامة ، ضمن التيار المعرفي . إذ يُعرف الكفاية اللغوية
" أنها نظام ثابت من المبادئ المولدة " و التي تُمكن كل واحد منا من
إنتاج عدد لا نهائي من الجمل ذات المعنى في لغته ، كما تمكنه من التعرف التلقائي
على الجمل ، على اعتبار أنها تنتمي إلى هذه اللغة ، حتى و إن كان غير قادر على
معرفة لماذا ، و غير قادر على تقديم تفسير لذلك .


إن هذه القدرة ، حسب تشومسكي
، غير قابلة للملاحظة الخارجية ، ويكون الشخص خلالها ، عاجزا على ذكر كيف يتمكن من
إنتاج و توليد جمل مفهومة ، و لا كيف يكون بمقدوره فهم جمل ذات دلالة في لغته . و
تتعارض الكفاية بهذا المعنى ، مع الإنجاز أو الأداء
Performance و الذي يعني "
استعمال اللغة كما نلاحظها " .





إن ما يُمكِّن المخاطب ـ
المستمع من الكلام و الفهم في لغته ، هو نظام من القواعد المستبطن . كما أن الشخص
الذي يمتلك لغة يكون قد استدخل نظام القواعد الذي يحدد الشكل الصواتي للجملة و
أيضا محتواها الدلالي الخاص : إن هذا الشخص طور ما يمكن تسميته كفاية لغوية خاصة .
و هذه الكفاية اللغوية يمكن أن تصير نموذجا لكل الكفايات في مختلف المجالات . كما
يصبح الفهم التشومسكي للكفاية أداة لنقد الاتجاه السلوكي ، إن المتعلم يكتسب اللغة
بفضل الاشراط ، أي بواسطة سلسلة من الاستجابات للمنبهات ، فإنه لن يمتلك سوى عدد
محدود من الصياغات ، و لن يكون بمقدوره تكرار سوى الصياغات التي سبق له سماعها و
تعلمها . في حين أننا ، نلاحظ على العكس من ذلك ، أن كل متكلم قادر على إنتاج في
لغته ، صياغات لم يسبق له سماعها . و هكذا نقول عنه إن لديه كفاية ، أي لديه معرفة
إجرائية (عملية) بالبنيات اللغوية . إن هذه الكفاية هي التي تمكن المستمع من
القدرة على القول بشكل فوري ، ما إذا كانت هذه الجملة التي يسمعها لأول مرة صحيحة
لغويا أم لا ، حتى و إن لم يكن بمقدوره ذكر السبب .





و هكذا فإن الكفاية اللغوية
التي يتحدث عنها تشومسكي ليست سلوكا . إنها مجموعة من القواعد التي تسير و توجه
السلوكات اللغوية ، دون أن تكون قابلة للملاحظة و لا يمكن للفرد الوعي بها .


إن تشومسكي يعـطي للكـفاية
بعدا جديدا . إذ يعتبرها ملكة " الانسجام و التلاؤم " ( ونضيف نحن
الاندماج ) ، إنها تسمح بأن تصير الكلمات منسجمة و متلائمة حسب كل وضعية . و هكذا
فالكفاية تكمن مع تشومسكي في التوافق مع جميع الوضعيات إنها الاستعداد لحسن
الدراية و المعرفة .


و لم يكن تشومسكي وحيدا في
إدراجه مفهوم الكفاية في التصور الذهني و المعرفي ، على عكس ما يفعل السلوكيون ،
فقد قام العديد من الباحثين و من مجالات مختلفة ، بذلك و لعل في مقدمتهم بعض
المهتمين بالتدريس الهادف ، و الذين انخرطوا في هذا التوجه أي التوجه الذهني
المعرفي .


و منهم كانيي Gagné على سبيل المثال و الذي نظر إلى التعلم ، انطلاقا من نظرية معالجة
المعلومات . على الرغم من كون مفهوم القدرة الذي يستعمله ، يختلف تماما عن مفهوم
الكفاية لدى تشومسكي ، لأن كانيي يعتبرها أمرا مكتسبا و ليس فطريا . لكن و من بين
الخمسة مراقي التي يحددها في نموذجه حول التعلم ، فإن المهارة الفكرية و
الاستراتيجيات المعرفية و الاتجاهات ، هي بالأساس عمليات ذهنية داخلية .





كما يصنف لوي دينو D'hainaut . و الذي يبتعد عن التفسير السلوكي ، الهدف في المجال المعرفي ،
على اعتبار أننا نعمل من خلاله على جعل التلميذ قادرا على إنجاز عمل عقلي ـ معرفي
و بهذا يبتعد دينو في مجال التربية و التعليم عن السلوكيين من أمثال ماجر . إن كل
من كانيي و دينو و هاملين و غيرهم ، يُدرجُون تصورهم في إطار السيكولوجية المعرفية
على عكس ماجر و من نحا نحوه . إذ يتعلق الأمر بالنسبة إليهم بالتساؤل عما يوجد بين
المنبه و الاستجابة ، أي أننا من الضروري أن نفتح " العلبة السوداء "
لنكشف عن العمليات العقلية وراء السلوك . وهكذا فعلى العكس من الذين ينظرون إلى
الكفايات على أنها سلوكيات ، فإن هؤلاء يتصورونها بشكل يجعل منها أمرا داخليا و
غير مرئي ، لذلك يمكن إدراج تصورهم كما أسلفنا ، في إطار المدرسة المعرفية في
السيكولوجيا ، ذلك التصور الذي سيمنح توجها خاصا لنموذج التدريس الهادف ، حيث
سيجعله يبتعد عن الانغلاق في النظرة السلوكية و يتجنب بالتالي الانتقادات التي
تتهمه بالتروع نحو التجزيئي و الآلية و السطحية .


الكفاية وظيفة وليست سلوكا .


يعتقد راي B . Rey 1998 أن نموذج التدريس الهادف ، خاصة لدى بعض رواده ممن تبنوا التصور
السلوكي ، يختزل التَّعَلُّمَات ( مكتسبات التلاميذ ) في العمل على تحقيق سلسلة من
الأهداف السلوكية ، التي تقود إلى تجزيء بل إلى تفتيت النشاط إلى الحد الذي يصبح
التلميذ معه عاجزا عن تبيان ما هو بصدده ، ومن الصعب عليه معرفة مغزى نشاطه . إن
هذه الترعة نحو التجزيء و التفكيك تجعل من الصعب على المقوم مثلا ، القول بأن
مجموع السلوكات المكتسبة يحقق الغاية المرجوة و التي كان من المفروض أن تشكلها .
فإذا قلنا مثلا إن على التلميذ لكي يكتسب مهارة الكتابة ، أن يتعلم الهدف رقم 1 و
بعده الهدف رقم 2 ثم الهدف رقم 3 ... الخ ، فهل يشكل مجموع هذه الأهداف الجزئية
الغاية المرجوة و هل يعي التلميذ مغزى تحقق هذه الأهداف السلوكية الجزئية و هل
يتكون لديه إدراك واضح لذلك ؟


إن السلوك الملاحظ هو في
نهاية الأمر ، سلوك إنساني و بالتالي يكون من الضروري الاعتراف له بقدر من المعنى
و المغزى و القصدية . و إلا ما الفرق بين سلوك الإنسان و عمل الماكينة؟


إن التعرف على السلوك ، لا
يعني فقط تعداد التغيرات الجسمية التي تحدث لدى المتعلم . بل إن التعرف عليه يعنى
أساسا التعرف عليه باعتباره سلوكا منظما و منسقا حول نشاط معين . و هكذا نرى أن
مفهوم السلوك ، يعني أن يتضمن شكلا من أشكال الغائية و أن يندرج مفهوم الكفاية
بدوره و كذلك مفهوم الهدف العام ، في هذا السياق .





بطبيعة الحال فإن المتحمس
لنموذج التدريس بالأهداف خاصة في جانبه السلوكي ، محق عندما يشكك في إدخال مفهوم
الغائية في الاعتبار ، لأن هذا المفهوم يمكن أن يسرب إلى العلاقة بين المدرس و
التلاميذ بل إلى النشاط التربوي برمته ، أبعادا ضمنية و غامضة و يؤدي بالتالي إلى
الضبابية و العشوائية . لكن المؤكد هو أن سلوك التلميذ لكي يكون مفهوما و يكون
قابلا للملاحظة ، لا بد من تناوله بقدر من الوظيفية .





إن ما ينبغي أخذه بعين
الاعتبار في موضوع الكفايات ، ليس السلوك كانعكاس (رد فعل) عضلي و غذي و حسي حركي
كما يراه السلوكيون ، بل السلوك كنشاط ـ و مهام ذات مغزى . لذلك يعرف فيفيان
دولاندشير
V . de Landsheere الكفاية بكونها " تعبير عن القدرة على إنجاز مهمة معينة بشكل
مرض"





إن الكفاية سلوك يمكن التعبير
عنه بأنشطة قابلة للملاحظة ، لكنها أنشطة تتجمع و تندمج في عمل مفيد و ذي مغزى ، و
هكذا فإن الوظيفة العملية (التطبيقية) هي التي تغدو حاسمة في الموضوع .


"إن الكفايات تشكل مجموعات مهيكلة تتفاعل عناصرها و تتداخل
مكوناتها و تنتظم حسب تسلسل معين ، للاستجابة لمقتضيات الأنشطة التي ينبغي إنجازها
" .


المصدر:


http://site.voila.fr/kifayates/html/alkifayawadifawalyssatsoloukkifayates1.htm